تغير مجرى الظروف وتبدلت الأوضاع والأحوال ، ولكن أبا طالب لم يزل يتوجس من المشركين خيفة على ابن أخيه إنه كان ينظر في الحوادث الماضية _ إن المشركين هددوه بالمنازلة ثم حاولوا مساومة ابن أخيه بعمارة بن الوليد ليقتلوه ، وإن أبا جهل ذهب إلى ابن أخيه بحجر يرضخه ، وإن عقبة بن أبي معيط خنق ابن أخيه بردائه وكاد يقتله ، وإن ابن الخطاب كان قد خرج بالسيف ليقضي على ابن أخيه _ كان أبو طالب يتدبر في هذه الحوادث ويشم منها رائحة شر يرجف له فؤاده ، وتأكد عنده أن المشركين عازمون على إخفار ذمته ، عازمون على قتل ابن أخيه وما يغني حمزة أو عمر أو غيرهما إن انقض أحد المشركين علىابن أخيه بغتة .
تأكد ذلك عند أبي طالب ، ولم يكن إلا حقاً فإنهم كانوا قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله علانية ، وإلى هذا الإجماع إشارة في قوله تعالى أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون فماذا يفعل أبو طالب إذن .
إنه لما رأى تألب قريش على ابن أخيه قام في أهل بيته من بني هاشم وبني المطلب ولدي عبد مناف ، ودعاهم إلى ماهو عليه من منع ابن أخيه والقيام دونه فأجابوه إلى ذلك مسلمهم وكافرهم حمية للجوار العربي ، إلا ما كان من أخية أبي لهب ، فإنه فارقهم ، وكان مع قريش .